هل سبق أن شعرت بانقباض عضلي مفاجئ ومؤلم دون سبب واضح؟ قد تكون التشنجات العضلية علامة على نقص في أحد الفيتامينات الأساسية في جسمك أو دلالة على مشكلة أعمق تطلب التدخل الطبي السريع. لذا، في هذا المقال، سنتعرف على الأعراض الشائعة للتشنجات، والأسباب المرتبطة بالغذاء ونقص الفيتامينات، بالإضافة إلى الأسباب الأخرى المحتملة. كما نستعرض أهم طرق العلاج والوقاية للحفاظ على صحة عضلاتك، وتفادي هذه المشكلة المزعجة من جذورها.
تشنج العضلات هو أمر شائع الحدوث ويعرّف بأنه أي حركة انقباض أو تقلّص مفاجئة ولا إرادية في عضلة واحدة، أو جزء منها، أو مجموعة من العضلات، مما يسبب ألمًا وعدم راحة للشخص. والعضلات الأكثر تأثراً بالشد العضلي والشائع إصابتها به هي عضلات الفخد، والقدم، واليدين، والذراعين، والبطن، والقفص الصدري.
قد تختلف الأعراض باختلاف المسبب، فالتشنج ليس مرضًا بحد ذاته بل هو دليل على وجود خلل في الجسم. فلو كان التشنج سببه خلل عصبي مثلًا، سيشعر المريض بالتنميل والرعشة واضطرابات في النوم وربما صعوبة في الحركة أيضًا. أما لو كان مرتبطًا بنقص الفيتامينات، فستختلف الأعراض باختلاف العنصر الناقص، وسيلاحظ المريض وجود باقي أعراض نقص هذا العنصر.
هناك العديد من العناصر التي يسبب نقصها تشنجًا في العضلات، منها:
يلعب فيتامين د دورًا أساسيًا في امتصاص الكالسيوم والمحافظة على صحة العضلات والعظام. وعندما ينخفض مستواه في الجسم، تضعف العضلات وتصبح أكثر عرضة للتقلصات والتشنجات، خاصةً في الساقين والظهر. كما أن نقص فيتامين د قد يؤدي إلى إحساس عام بالإرهاق والضعف العضلي المزمن، مما يزيد من احتمالية حدوث التقلصات أثناء الحركة أو الراحة.
يساهم فيتامين B12 في دعم الأعصاب والوظائف العضلية من خلال إنتاج خلايا الدم الحمراء والمشاركة في تكوين المايلن "myelin sheath" الذي يغلف الأعصاب. ونقصه قد يؤدي إلى اضطراب في الإشارات العصبية، مما يسبب تشنجات عضلية مفاجئة أو وخزًا وتنميلًا في الأطراف. أما في الحالات الشديدة، فقد تظهر أعراض مثل ضعف العضلات وفقدان التوازن.
البوتاسيوم هو معدن أساسي لتنظيم الإشارات الكهربائية في الجسم، بما في ذلك تلك التي تتحكم في انقباض العضلات. وانخفاض مستوياته يمكن أن يؤدي إلى تقلصات عضلية مؤلمة، خاصةً في الساقين، بالإضافة إلى الإرهاق، وضعف العضلات، وحتى اضطراب في نبض القلب إذا كان النقص حادًا.
على عكس المتعارف عليه، الكالسيوم ليس فقط لبناء العظام، بل هو ضروري أيضًا لانقباض العضلات بشكل طبيعي. وعند انخفاض مستوياته، تفقد العضلات توازنها الكهربائي، مما يؤدي إلى التقلصات المفاجئة، وأحيانًا التشنجات الحادة التي قد تصيب الوجه أو اليدين أو القدمين. كما قد يصاحب ذلك شعور بالوخز أو تنميل.
يعمل المغنيسيوم كمنظّم لتوازن الكالسيوم والبوتاسيوم داخل الخلايا، وله دور مهم في استرخاء العضلات بعد الانقباض. و نقص المغنيسيوم يؤدي إلى فرط استثارة العضلات، مما يسبب تقلصات مؤلمة خاصة أثناء النوم. وقد يظهر أيضًا على شكل رعشة عضلية أو انقباض لا إرادي في الجفن أو الأطراف.
رغم أن نقص الفيتامينات والمعادن يعد من الأسباب الشائعة لتشنجات العضلات، إلا أن هناك عوامل أخرى لا تقل أهمية وقد تكون هي السبب الحقيقي خلف هذه الانقباضات المفاجئة. من أبرز هذه العوامل:
فقدان السوائل من الجسم، سواء بسبب التعرق المفرط أو عدم شرب كميات كافية من الماء، يؤدي إلى خلل في توازن الأملاح، ما يزيد من احتمالية التقلصات العضلية.
النشاط البدني المكثف أو التمارين الرياضية دون إحماء مناسب قد يسبب ضغطًا زائدًا على العضلات، مما يؤدي إلى التشنج كرد فعل طبيعي للإجهاد.
الثبات في وضعية واحدة لفترات طويلة يعيق تدفق الدم إلى العضلات، ما قد يسبب تشنجات، خصوصًا في الساقين والقدمين.
مثل مدرات البول، أدوية ضغط الدم، أو أدوية خفض الكوليسترول قد تسبب خللاً في توازن المعادن داخل الجسم، مما ينعكس على أداء العضلات.
في بعض الحالات، قد تكون التشنجات مؤشرًا لمشكلة أعمق مثل الاعتلال العصبي، أو أمراض الكبد، أو اضطرابات الغدة الدرقية وهذا يستدعي التدخل الطبي العاجل لمعرفة السبب وراء التشنج وبناء خطة علاجية شاملة لمكافحة هذا السبب.
فهم هذه الأسباب يساعد في تحديد العلاج المناسب، خاصة عندما لا يكون النقص الغذائي هو العامل الوحيد أو الرئيسي.
عندما يكون نقص الفيتامينات أو المعادن هو السبب الرئيسي وراء تشنجات العضلات، فإن العلاج يبدأ من تشخيص النقص بدقة من خلال فحوصات الدم. وبعد تحديد العنصر الناقص، يمكن أخذ العلاج المناسب:
قد يوصي الطبيب بمكملات تحتوي على فيتامين د، وفيتامين B12، والكالسيوم، والبوتاسيوم، والمغنيسيوم حسب الحاجة. ويجب الالتزام بالجرعات الموصوفة وعدم تناول المكملات دون استشارة طبية، لأن الإفراط في بعضها قد يؤدي إلى مشاكل صحية.
من الأفضل دعم العلاج بمصادر طبيعية، مثل:
إلى جانب التعويض الغذائي، يُنصح بشرب كميات كافية من الماء يوميًا، والقيام بتمارين إطالة خفيفة للعضلات، خصوصًا قبل النوم.
تشنجات العضلات قد تبدو في البداية مشكلة بسيطة، لكنها في كثير من الأحيان تكون مؤشرًا على نقص في عناصر غذائية ضرورية مثل الفيتامينات والمعادن. ومن خلال الانتباه للأعراض، ومعرفة الأسباب الغذائية وغير الغذائية، يمكنك اتخاذ خطوات عملية لحماية عضلاتك وتحسين جودة حياتك. سواء كنت بحاجة لتعويض نقص في فيتامين د أو المغنيسيوم، أو فقط لتعديل عاداتك اليومية، فإن الوقاية تبدأ من الوعي. ولا تنسَ أن الاستشارة الطبية ضرورية في حال استمرت التشنجات أو كانت مصحوبة بأعراض أخرى.
صحتك العضلية تبدأ من توازن داخلي بسيط، فحافظ عليه.